إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

506 ـ أبو بكر الصديق (51 ق.هـ ـ 13 هـ) (573 ـ 634م)

هو عبدالله بن أبي قحافة، وأبو قحافة هو عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي. أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال، يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم عند مرة بن كعب بعد ستة آباء. وكلا أبويه من بني تميم، وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب. لقب بالعتيق الصديق، والعتيق هو الجميل، الغاية في الجود والخير، أما الصديق فهو الذي يصدقه الناس، ولا يكذبونه. قيل أن اسمه في الجاهلية هو عبدالكعبة، فسماه رسول عبدالله، وكنيته أبو بكر لأنه بَكّرَ في دخول الإسلام، ولقبه الصِّديق، لأنه بادر بتصديق الرسول في مواقف كثيرة حرجة، وبخاصة في حادث الإسراء والمعراج، فعن عائشة قالت: لما أُسري بالنبي إلى المسجد الأقصى، أصبح يُحَدِّث الناس بذلك فارتد أناس ممن كانوا آمنوا وصدقوا به وفُتنوا، فقال أبو بكر: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك. فلذلك لُقَّب بالصديق

ولد أبي بكر الصديق بمكة المكرمة، وقيل أن أنه ولد بعد مولد الرسول بعامين وبضعة أشهر، ونشأ سيداً من سادات قريش، وغنياً من كبار موسريهم، وعالماً بأنساب القبائل وأخبارها وسياستها، كان أبو بكر مستقيماً في جاهليته، محبباً في قومه، يأبى شرب الخمر، وحرمها على نفسه قبل أن يُشرع حكمها في الإسلام. ولم يعبدصنماً قط، يأبى كل قبيح من قول أو فعل، عرف في الجاهلية بالأمانة والعفة. كان يشتغل بالتجارة في الجاهلية، وكانت تجارته واسعة. ومن كبار أغنياء قريش، وسيداً من سادات قريش

تزوج في الجاهلية قَتْيلَة بنت عبدالعزي العامرية، وأم رمان بنت عامر بن عويمر، وتزوج في الإسلام أسماء بنت عُميس الخثعمية، وحبيبة بنت خارجة. كان لأبي بكر من الأود ثلاثة بنين هم عبدالله، وعبدالرحمن، ومحمد، وثلاث بنات هن أسماء "ذات النطاقين" تزوجها الزبير بن العوام، وعائشة أم المؤمنين زوج رسول الله، وأم كلثوم.   

كان صديقاً للنبي قبل الرسالة، وكان أول من أسلم من الرجال. وقام بالدعاية الناجحة والصادقة للإسلام، فأسلم على يده مجموعة من أبطال الإسلام مثل عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعثمان بن مظعون، وأبو عبيدة، وأبو سلمة، والأرقم.

كان أبو بكر الصديق أقرب الصحابة إلى النبي وألزمهم له نهاراً وليلاً، دفع عنه قريشاً في فناء الكعبة وهي تريد أن تخنقه، فما كانت من قريش إلا أن مالت على أبي بكر تصفعه وتضربه حتى حمل مغشياً عليه إلى بيته. هاجر أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه في غار ثور ووقاه بنفسه، وكانت أسماء بنت أبي بكر تُحضر الغذاء لهم بالغار.

وكان رضي الله عنه أزهد الناس وأكثرهم تواضعاً في أخلاقه ولباسه ومطعمه، رقيق الطبع رزيناً، وكان موصوفاً بالحلم والرأفة بالعامة، لا يغلبه الهوى، وشجاعاً بطلاً، ولا تملكه الشهوة، كما كان خطيب لسن رجح القول من قوله "احرص على الموت توهب لك الحياة" و "أصدق الصدق الأمانة وأكذب الكذب الخيانة".

لم يتخلف أبو بكر عن رسول الله في مشهد من مشاهده. فشهد بدراً، وأحد، والخندق، والحديبية، وتبوك، وحنين والمشاهد كلها. ولم يبخل بماله فلما طلب رسول الله تجهيز جيش لغزوة تبوك قدم أبو بكر كل ماله.

بويع أبو بكر بالخلافة يوم وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في سقيفة بنى ساعدة في السنة الحادية عشرة للهجرة. وكان عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بشير بن سعد أول المبايعين له، فكان أول خليفة بعد رسول الله. وخطب أبو بكر في الناس وقال: "إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".  وتولى أبو بكر الصديق الخلافة سنتين وثلاثة شهور.

وبعد أن توفى رسول الله ارتد بعض قبائل العرب، وامتنع بعضهم عن الخضوع لأحد بعد رسول الله، فوقف موقف حازم من هذه القبائل، وحارب المرتدين، والممتنعين عن دفع الزكاة، فكان القضاء على الفتنة في مهدها. وعمل على تأمين الدولة من أعدائها بتسيير البعوث، وفتح الفتوحات، فافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق. واتفق له قواد أمناء كخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وأبي عبيدة بن الجراح، والعلاء بن الحضرمي، ويزيد ابن أبي سفيان، والمثنى بن حارثة.

ولما توفى أبو بكر كان عمره 63 عاماً مثل عمر النبي عندما توفى، ودفن مع الرسول في الغرفة التي كانت تعيش فيها السيدة عائشة مع الرسول في المدينة المنورة. له في كتب الحديث 142 حديثاً، وأخباره كثيرة أفرد لها صاحب "أشهر مشاهير الإسلام" نحو 150 صفحة، ومما كتب في سيرته "أبو بكر الصديق ـ ط" لمحمد حسين هيكل، و "أبو بكر الصديق ـ ط" للشيخ علي الطنطاوي".